عندما يتفق الرئيس ترامب مع السيناتورة إيليزابيث وارن، خصمه اللدود من الحزب الديمقراطي، فذلك أمر يستحق التوقف عنده، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسياسات. في هذه الحالة، الأمر يتعلق بالاعتقاد بأن وجود الجيش الأميركي في كل من سوريا وأفغانستان خطأ، وأن السبب الرئيسي لوجوده هناك هو التوافق بين «مؤسسة» الدفاع والسياسة الخارجية الأميركية. وقد أخذ ترامب يقرن أقواله بالأفعال، إذ أمر بانسحاب من سوريا وأشّر لتصميمه على تقليص أعداد الجنود في أفغانستان.
وكان ثمة توافق واسع داخل المؤسسة حول الحاجة لاحتواء التوسع السوفييتي خلال الحرب الباردة. كما تمتعت الحرب الطويلة في فيتنام بمثل هذا الدعم في البداية. ومثلما كشف ديفيد هالبرسام في كتابه الصادر سنة 1972، «الأفضل والألمع»، فإن الحرب كانت من بعض النواحي من ابتكار بعض الأكاديميين والمثقفين المحيطين بالرئيس كينيدي ممن صاغوا «سياسات لامعة تتحدى المنطق». والشيء نفسه يقال عن «المحافظين الجدد» الذين كانوا محيطين بالرئيس بوش الابن في حرب العراق 2003.
لكن بسبب الإخفاقات في فيتنام والعراق جزئياً، كان ثمة تيار مضاد مشكك داخل مؤسسة السياسات في السنوات الأخيرة. فالقيادات العسكرية تميل بشكل غريزي إلى مقاومة أي فكرة انسحاب. لكن الجنرال المتقاعد ماكماستر، مستشار ترامب للأمن القومي حتى أبريل من العام الماضي، ألّف كتاباً مؤثراً، بعنوان «إهمال الواجب»، انتقد فيه كبار قادة الجيش لفشلهم في تحدي الرئيس جونسون بخصوص استراتيجيته في فيتنام، والتي حولتها إلى مستنقع يتعمق. وقبيل حرب العراق، أثار وزير الخارجية كولن باول، وهو رئيس سابق لهيئة الأركان المشتركة، الحجة الرئيسية ضد الحرب، أي تحديات مرحلة ما بعد الغزو، إذ قال للرئيس قولته الشهيرة: «إذا كسرته، فسيصبح من مسؤوليتك».
خلال السنوات التي غطيتُ فيها مؤسسة السياسات كمراسل خارجي، وجدتُ أن الكثيرين ينظرون إلى دورهم الرئيسي باعتباره يكمن في تقديم ما قال هالبرستام إنه كان مفقوداً في فيتنام، أي المنطق.
وهذا صحيح بدون شك في حالتي أفغانستان وسوريا. فعندما تدخلت أميركا أول مرة، عقب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية 2001، لم يكن ثمة مزاج للتشكيك وطرح الأسئلة. ولكن اليوم، وبعد ثمانية عشر عاماً، لا أعرف شخصية واحدة من مؤسسة السياسات تعتقد أن الحرب قابلة للفوز. غير أن البعض باتوا يطرحون سؤالا يشبه الوجه الآخر لسؤال باول. فمع صعود «طالبان»، ووجود تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، ما الذي قد يحدث عقب انسحاب الولايات المتحدة؟
في سوريا، لدى الولايات المتحدة 2200 جندي من القوات الخاصة، إلى جانب كتيبة كبيرة من المقاتلين الأكراد. وتُعتبر روسيا وإيران القوتين المهيمنتين. غير أن الوجود الأميركي يعني أنهما لا تتمتعان بحرية الحركة بشكل كامل. وكذلك الحال بالنسبة لتركيا، التي تعهدت بمهاجمة حلفائنا الأكراد. ويعتقد بعض خبراء السياسات أن من شأن الانسحاب الأميركي أن يسمح بعمل عسكري إسرائيلي، مع ما ينطوي عليه من خطر حرب أوسع.
بيد أن ذلك يعني أن عمليات الانسحاب خاطئة بالضرورة. وقد طالبت السيناتورة وارن مسؤولي مؤسسة الدفاع بأن «يشرحوا لنا ما هو شكل الفوز في هذه الحروب حسب رأيهم».
المشكلة في كلتا الحربين هي أن الانتصار ليس مطروحاً، وأن تحدي أميركا الرئيسي حالياً ليس هو الجيوش المنافسة، وإنما المليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تتغذى على الاضطرابات وتزعزع الاستقرار في الدول الفاشلة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
وكان ثمة توافق واسع داخل المؤسسة حول الحاجة لاحتواء التوسع السوفييتي خلال الحرب الباردة. كما تمتعت الحرب الطويلة في فيتنام بمثل هذا الدعم في البداية. ومثلما كشف ديفيد هالبرسام في كتابه الصادر سنة 1972، «الأفضل والألمع»، فإن الحرب كانت من بعض النواحي من ابتكار بعض الأكاديميين والمثقفين المحيطين بالرئيس كينيدي ممن صاغوا «سياسات لامعة تتحدى المنطق». والشيء نفسه يقال عن «المحافظين الجدد» الذين كانوا محيطين بالرئيس بوش الابن في حرب العراق 2003.
لكن بسبب الإخفاقات في فيتنام والعراق جزئياً، كان ثمة تيار مضاد مشكك داخل مؤسسة السياسات في السنوات الأخيرة. فالقيادات العسكرية تميل بشكل غريزي إلى مقاومة أي فكرة انسحاب. لكن الجنرال المتقاعد ماكماستر، مستشار ترامب للأمن القومي حتى أبريل من العام الماضي، ألّف كتاباً مؤثراً، بعنوان «إهمال الواجب»، انتقد فيه كبار قادة الجيش لفشلهم في تحدي الرئيس جونسون بخصوص استراتيجيته في فيتنام، والتي حولتها إلى مستنقع يتعمق. وقبيل حرب العراق، أثار وزير الخارجية كولن باول، وهو رئيس سابق لهيئة الأركان المشتركة، الحجة الرئيسية ضد الحرب، أي تحديات مرحلة ما بعد الغزو، إذ قال للرئيس قولته الشهيرة: «إذا كسرته، فسيصبح من مسؤوليتك».
خلال السنوات التي غطيتُ فيها مؤسسة السياسات كمراسل خارجي، وجدتُ أن الكثيرين ينظرون إلى دورهم الرئيسي باعتباره يكمن في تقديم ما قال هالبرستام إنه كان مفقوداً في فيتنام، أي المنطق.
وهذا صحيح بدون شك في حالتي أفغانستان وسوريا. فعندما تدخلت أميركا أول مرة، عقب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية 2001، لم يكن ثمة مزاج للتشكيك وطرح الأسئلة. ولكن اليوم، وبعد ثمانية عشر عاماً، لا أعرف شخصية واحدة من مؤسسة السياسات تعتقد أن الحرب قابلة للفوز. غير أن البعض باتوا يطرحون سؤالا يشبه الوجه الآخر لسؤال باول. فمع صعود «طالبان»، ووجود تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، ما الذي قد يحدث عقب انسحاب الولايات المتحدة؟
في سوريا، لدى الولايات المتحدة 2200 جندي من القوات الخاصة، إلى جانب كتيبة كبيرة من المقاتلين الأكراد. وتُعتبر روسيا وإيران القوتين المهيمنتين. غير أن الوجود الأميركي يعني أنهما لا تتمتعان بحرية الحركة بشكل كامل. وكذلك الحال بالنسبة لتركيا، التي تعهدت بمهاجمة حلفائنا الأكراد. ويعتقد بعض خبراء السياسات أن من شأن الانسحاب الأميركي أن يسمح بعمل عسكري إسرائيلي، مع ما ينطوي عليه من خطر حرب أوسع.
بيد أن ذلك يعني أن عمليات الانسحاب خاطئة بالضرورة. وقد طالبت السيناتورة وارن مسؤولي مؤسسة الدفاع بأن «يشرحوا لنا ما هو شكل الفوز في هذه الحروب حسب رأيهم».
المشكلة في كلتا الحربين هي أن الانتصار ليس مطروحاً، وأن تحدي أميركا الرئيسي حالياً ليس هو الجيوش المنافسة، وإنما المليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تتغذى على الاضطرابات وتزعزع الاستقرار في الدول الفاشلة.
ند تيمكو
صحافي أميركيينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»